في إطار رسالته الرامية إلى إعداد قيادات فكرية ومجتمعية تحمل مبادئ الإسلام الوسطية، أعلن الوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز عن إطلاق زمالة “الوسطية والاعتدال”، كأحد برامج الزمالات المهنية والأكاديمية التي تهدف إلى تعزيز قيم التسامح والتوازن الفكري، وتطوير الكفاءات الدعوية والمجتمعية وفق نهج علمي ومعاصر.
وتأتي هذه الخطوة ضمن منظومة البرامج النوعية التي يقدمها الوقف العلمي لتأهيل القيادات الوطنية في مجالات الفكر والدعوة والاتصال المجتمعي، من خلال برامج زمالة متخصصة تجمع بين الدراسة الأكاديمية والتطبيق العملي، وتدعم تطوير المحتوى العلمي والإعلامي المرتبط بنشر ثقافة الحوار والاعتدال. وتمثل هذه الزمالة مبادرة وطنية رائدة تسعى إلى ترسيخ الفكر الوسطي كركيزة أساسية في بناء المجتمع السعودي المتوازن، انسجامًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في محور “مجتمع حيوي متماسك”، وإسهامًا في دعم الخطاب المعتدل القائم على العلم والحوار والتأثير الإيجابي.
برنامج علمي وتطبيقي يعزز مفاهيم الوسطية
تم تصميم زمالة الوسطية والاعتدال لتكون برنامجًا متكاملًا يوازن بين الجانب العلمي والميداني، ويركز على تنمية المهارات الفكرية والسلوكية والقيادية للمشاركين. ويهدف البرنامج إلى:
-
ترسيخ المفاهيم الصحيحة للوسطية والاعتدال في الفكر والسلوك.
-
إعداد دعاة وقادة رأي يمتلكون القدرة على مواجهة الفكر المتطرف بأساليب علمية متزنة.
-
تمكين الكفاءات من توظيف التقنيات الحديثة في العمل الدعوي والإعلامي.
-
تطوير أساليب التواصل الفعّال في نقل الرسائل الدينية والاجتماعية.
-
دعم بناء مجتمعات إيجابية قائمة على الحوار والتعايش.
ويضم البرنامج مجموعة من الباقات التدريبية المتدرجة التي تتيح للملتحقين التدرّب على مفاهيم الدعوة، وتقنيات التواصل، وإدارة الحوار الفكري في البيئات التعليمية والمجتمعية والإعلامية.
هيكل الزمالة: ست باقات تدريبية تغطي محاور متعددة
تتكون زمالة الوسطية والاعتدال من ست باقات تدريبية رئيسية، صُممت لتغطي الجوانب الفكرية والتقنية والتواصلية في العمل الدعوي والمجتمعي:
-
الباقة الأولى – مقاصد الدعوة وأولوياتها:
-
تعزز فهم مقاصد الدعوة الإسلامية وأسُسها الشرعية والفكرية.
-
تُدرّب المشاركين على ترتيب الأولويات الدعوية ومواجهة التحديات الثقافية والاجتماعية.
-
تُسهم في بناء قدرة تحليلية لمعالجة القضايا المعاصرة وفق منهج وسطي.
-
الباقة الثانية – التقنيات الحديثة في الدعوة إلى الله:
-
تُمكّن المتدربين من استخدام أدوات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في نشر الرسالة الإسلامية.
-
تُعرّفهم بآليات التفاعل عبر الفضاء الرقمي وتفنيد المعلومات المغلوطة.
-
تُدرّبهم على إنتاج محتوى إعلامي ودعوي جذاب عبر المنصات الرقمية.
-
الباقة الثالثة – التواصل الدعوي الفعال:
-
تُعزز مهارات الخطاب والإلقاء والتحدث أمام الجمهور.
-
تركز على بناء مهارات التواصل في البيئات المتنوعة ثقافيًا واجتماعيًا.
-
تُؤهل المشاركين لتمثيل الخطاب الوسطي بأسلوب مؤثر وواضح.
-
الباقة الرابعة – مهارات إدارة المعايير الدعوية والمجتمعية:
-
تُنمّي القدرات القيادية والإدارية لدى المتدربين في العمل المجتمعي.
-
تُكسبهم مهارات التخطيط والتنظيم وإدارة الموارد في المؤسسات الدعوية.
-
تُسهم في إعداد قادة قادرين على إدارة الفرق والمشروعات الاجتماعية بكفاءة.
-
الباقة الخامسة – العقيدة الإسلامية:
-
تُرسخ المفاهيم الصحيحة للعقيدة الإسلامية بعيدًا عن الغلو أو التفريط.
-
تُدرّب المشاركين على نشر مفاهيم الوسطية في الإيمان والسلوك.
-
تُعالج التحديات الفكرية المعاصرة من منظور علمي ومنهجي.
-
الباقة السادسة – مهارات تحليل أنماط الشخصية:
-
تُمكّن المتدربين من فهم أنماط الشخصيات والتعامل مع الاختلافات الفردية.
-
تُساعدهم على بناء استراتيجيات فعّالة في التواصل والإقناع.
-
تُسهم في تطوير مهارات الدعوة والإرشاد بأساليب نفسية واجتماعية متوازنة.
التطبيق العملي ومشاريع التخرج
يُختتم البرنامج بـ مشروع تخرج تطبيقي يمثل خلاصة ما اكتسبه المشاركون من مهارات علمية وميدانية. ويُطلب من كل متدرب إعداد مشروع مجتمعي أو إعلامي يُجسد مبادئ الوسطية والاعتدال، مع توظيف التقنيات الحديثة في التنفيذ والعرض. كما تُنظم ورش عمل ولقاءات مع خبراء في مجالات الفكر والدعوة والإعلام، تتيح للمشاركين الاطلاع على تجارب واقعية ونماذج ناجحة في تعزيز خطاب الاعتدال في العالم الإسلامي.
استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في التدريب
تماشيًا مع توجه الوقف العلمي في التحول الرقمي في التعليم المهني، تم تضمين أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن البرنامج التدريبي لزمالة الوسطية والاعتدال. حيث تُستخدم التقنية في تحليل أنماط الأداء، وتخصيص التجارب التعليمية لكل متدرب، إضافة إلى تقييم المحتوى الدعوي من حيث التأثير والأسلوب والرسالة. ويسعى الوقف العلمي من خلال ذلك إلى دمج العلم الشرعي بالتقنيات الحديثة، بما يخلق نموذجًا تعليميًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
أثر الزمالة في تعزيز الفكر الوطني المعتدل
تُسهم زمالة الوسطية والاعتدال في تأهيل الكفاءات الوطنية فكريًا ومهنيًا بما يدعم الاستقرار الاجتماعي ويعزز مناعة المجتمع ضد الأفكار المتطرفة. ومن أبرز آثارها المتوقعة:
-
نشر ثقافة الحوار والتعايش وقبول الآخر.
-
تمكين المشاركين من إعداد مبادرات توعوية تعزز الاعتدال في المؤسسات والمجتمعات المحلية.
-
المساهمة في بناء جيل من القادة والمفكرين الوسطيين القادرين على الإقناع والتأثير الإيجابي.
-
دعم الجهود الوطنية في مواجهة الفكر المنحرف عبر خطاب علمي رصين.
-
ترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة في التواصل الإنساني والعمل المجتمعي.
شراكات استراتيجية لتعزيز المحتوى العلمي
سيتم تنفيذ برنامج الزمالة بالشراكة مع عدد من الهيئات والمراكز الوطنية والدولية المهتمة بتطوير الخطاب الديني والفكري، إضافة إلى التعاون مع مؤسسات أكاديمية متخصصة في التدريب الإعلامي والدعوي. وتأتي هذه الشراكات ضمن رؤية الوقف العلمي لربط برامجه بالخبرات العالمية، وتطوير برامج الزمالة في السعودية بما يتوافق مع أفضل الممارسات التعليمية والمهنية.
في الختام، ومن خلال هذا الإطلاق، يرسّخ الوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز مكانته كمؤسسة وطنية رائدة في تقديم برامج الزمالات المهنية والأكاديمية التي تخدم الإنسان والمجتمع، وتدعم بناء فكر وسطي متوازن يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وتُعد زمالة الوسطية والاعتدال نموذجًا وطنيًا يحتذى به في نشر قيم الحوار، والوعي، والتعايش الإيجابي، وتمكين الكفاءات السعودية لتكون قادرة على قيادة الفكر والمجتمع نحو الاعتدال والاعتزاز بالهوية.











